هناك أطفال سلوكهم وحركاتهم تُنبئ عن أنهم أطفال غير عاديين.
سرعة بديهة عالية، وحسن تصرف في المواقف الصعبة، وحركة ونشاط زائدان عن الحد، وجرأة إلى حد التهور وإلقاء النفس في المخاطر.
عندهم ذكاء حركي لا يدانيهم فيه أحد.
ولكن إذا تأملتهم في المجالات التي تتطلب منهم جلوساً طويلاً وتفكيراً عميقاً، وإجهاداً للذهن، كالدراسة والتحصيل العلمي والمعرفي، وجدت أن هذه المجالات من أبغض المجالات إليهم، ولذلك فإن أهاليهم يعانون منهم بسبب ذلك.
فالوالد الذي رزق بولد من هذا النوع يندب حظه خصوصاً حين يراه لا يحب الدراسة ولا قدراته الذهنية تؤهله لتحقيق أحلامه بأن يكون ابنه طبيباً أو مهندساً أو عالماً في الدين أو أي فرع من فروع العلوم.
والمشكلة أن الناس ليست لديها رؤية واضحة لمستقبل هذا النوع من الأطفال.
ربما في الماضي حين كانت الحياة أكثر قسوة كان هؤلاء الأطفال لهم مجالات كثيرة، منها ما يكون في الحرف ومنها ما يكون في فنون القتال والجهاد والذي كان جسدياً بالدرجة الأولى.
أما اليوم فانطباع الناس عن الذكاء الحركي أن مجالاته محدودة في أمور لا تجلب كبير رزق ولا عريض شرف !
فلو كان في حِسَنا مجالات للبروز لذوي الحركة والبديهة العالية، لما ظلمنا هذا النوع من الأطفال وأجبرناهم على نمط من التعليم لا يتناسب مع قدراتهم بل يضعف ما عندهم من مواهب لا توجد في بقية الأطفال.
نحن بدلاً من استغلال هذه الموهبة الفطرية لديهم، نضغط عليهم كثيراً ليكونوا كبقية الأطفال، فننقلهم من مدرسة إلى أخرى، ونجلب لهم المدرسين الخصوصيين، وكل هذا لأننا مقتنعين أن السبيل الوحيد للفلاح في هذه الحياة هو الشهادة الأكاديمية.
ولا توجد مدارس خاصة للاستفادة من الذكاء الحركي الذي عندهم وتنميته من أجل استغلاله مستقبلاً في المهمات الخاصة، كبعض المهمات في الجيش والتي تتطلب بديهة عاليه وسرعة في التصرف واتخاذ القرارات مثل رجال التدخل السريع والمهمات الخاصة أو حتى أعمال الدفاع المدني أو بعض الحرف الصناعية الخطرة.
لا شك أن كثيراً منكم رأى في حياته أمثال هؤلاء الأطفال،
فكيف ترون الطريقة المثلى لتعليم هؤلاء الأطفال؟
هل ترون أن يضاعف الأهل معهم الجهود من أجل أن يفلحوا في الدراسة؟
أم أن طريق التعليم الدراسي المعروف لم يوضع لأمثالهم ولذا فهو لا يصلح لهم.
ومن الخير التفكير في مكان آخر غير المدارس العادية؟